تغليف و ربما فضفضة

عيناها توحيان بدين عاجل للنوم كذلك وقفتها المغلوبة على أمرها أمام طاولة تغليف الهدايا. بادرتها بالتحية وبابتسامة كمن يعتذر لأنه جاء في وقت غير مناسب. في الحقيقة لا أعرف أيهما كان وقعه أشد أثراً عليها الابتسامة أم التحية إذ انطلقت في الحديث معتمدة مبدأ واحد مقابل عشرة، مقابل كل سؤال يتعلق بتغليف هديتي عشرة استشارات عاطفية! لا تسألوني كيف يتحول تغليف هدايا لجلسة نفسية وفضفضة عاطفية! من باب الدفاع عن نفسي وأني لم أغرِ الفاعلة بشيء لا ترغبه أقول أني لم أصرح لها بآني متخصصة في علم النفس  حتى لا يظن أحدهم أن فضفضتها جاءت تحت ضغط الزبون المتخصص.

هل الهدايا وارتباطها بالعواطف هي الدافع الذي أشعل فتيل الفضفضة؟ ربما و لكن هذا يعني أن هذه الفضفضة ستكون من نصيب طوابير الزبائن التي ترتاد المحل يوميا وهو مانفته حين قالت كمن يدافع عن نفسه دون اتهام ( أول مره أفضفض لعابر)!! ربما روتينية العملية تجعل صاحبها ينهمر دون أن يعي مايخرج من فمه أو ربما ساعات الصباح الأولى التي يكون فيها الواحد منا معلق مابين النوم واليقظة وحديثه يتأرجح ما بين الحلم والوعي! الله وحدة يعلم..

ما  إن إمسكت بالمقص وشرعت في عملية التغليف حتى بدأت بسرد المعضلة العاطفية التقليدية : يحبني وأحب آخر والآخر أحبه و… . سكتة قصيرة تجعلك تضع في الفراغ الكلمة المناسبة: لا يحبني! عدلت من وضعية جلوسي على الكرسي لتتناسب مع ما أنا أمامه ، نزعت نظارتي الشمسية لتتناسب مع وضعية الاصغاء مستعيدة في ذلك أمي حين تتحول من الاستماع للانصات والاصغاء فتنزع نظارتها الطبية وترفع عينها عن المصحف!

 بدت متعبة جدا جدا و بدأ المقص يشق طريقة على ورق التغليف ويشق قلبي معه إذ أرى مساره ينحرف ذات اليمين و ذات الشمال ! أقاطعها: عفوا عزيزتي يبدو أن عملية القص خالفت الطريق المستقيم أقول ذلك بكل لطف وأردفه بعفوا أرجو أن تكملي كلي أذان صاغية (نعم أذان فقط أما قلبي فمع هديتي التي يبدو أني سأستخلف الله في تغليفها).

تسحب الشريط اللاصق من بيته وتكمل ؛ مشكلتي لا أجيد التمثيل وأحب أن أكون واضحة لذا أخبرته أني في علاقة مع آخر ! عيني على الشريط الذي يبدو وكأنه ألصق بجبهة صبي كثير الحركة! هل تخيلت أنها تقوم بتضميد جرحه بعد أن عرف بعلاقتها فاضطرت لوضع اللصق بهذه الطريقه لايقاف النزف بسرعة! في الحقيقة لا أعرف لكني متأكدة أن هديتي بدأت تنزف إن لم يكن مما سمعته فحتما من الطريقة التي تمت معاملتها بها.

تثني طرفي ورق التغليف بينما تضع على الميزان محاسن أحدهم ومساؤ الآخر ؛ يهتم لي كريم معي رغم جفائي ساندني في الظروف الصعبة ! هنا  تميل جهة من ورق التغليف للأسفل أكثر من أختها ! أصلي أن يكون للآخر محاسن مشابهة حتى تتوازن كفتي ورق التغليف لكن الميل مع الأسف يزداد إذ تذكر جفاء الآخر واعتلالات مزاجه! اصرخ: توقفي! قبل أن استدرك وأكمل أقصد توقفي عن هذه العلاقة التي لن تنتهي لشيء.. لكنها تتوقف عن التغليف وتتحسر على طريقة عبادي حين يغني” كثير من الحطب حولي وعندك انكسر فاسي”

تتنهد لأنها مبتلاة بالإخلاص حتى مع الشخص الذي لا يستحق الإخلاص.. أصلي ثانية وثالثة وعاشرة أن يحلّ الإخلاص بهديتي التي تتقلب بين يديها، أصلي لئلا تتخلى عنها وتتركها حتى تعدل ما أصابها من تشوهات عاطفية..

أضف تعليق